الثلاثاء، 19 فبراير 2008

مطبعة جوتنبرج

لم تتغير آلة الطباعة كثيرًا عما كانت عليه منذ عهد جوتنبرج وحتى القرن التاسع عشر. وفي حوالي عام 1800م قام أيرل أوف ستانهوب الإنجليزي بصنع أول مطبعة كل أجزائها من الحديد. وقام فريدريتش كوينج باختراع مطبعة ذات أسطوانة تُدار بالبخار في عام 1811م بألمانيا. وكانت الأسطوانة الدوارة تقوم بضغط الورق على الحروف المصفوفة على سطح الآلة المستوي. واستعملت صحيفة التايمز اللندنية مطبعة ذات أسطوانتين دوارتين تعمل بالبخار لأول مرة عام 1814م وتنتج 1,100 نسخة في الساعة.

وفي عام 1846م اخترع الأمريكي ريتشارد هو المطبعة الدوارة. فكانت حروف الطباعة تثبَّت في أسطوانة دوارة بينما تقوم أسطوانة أخرى بإتمام الطبع. واستطاعت النماذج الأولى من مطابع هو إنتاج 8,000 صفحة في الساعة. ثم أنتجت نماذج لاحقة من هذه المطابع 20,000 نسخة في الساعة. وتمكن الأمريكي وليم بولوك في عام 1865م من الطباعة على أطوال ورقية متصلة مخترعًا بذلك المطبعة الدوارة فائقة السرعة، التي تعمل بنظام الإمداد الورقي المتصل.

استمر الطبّاعون يمارسون التصفيف اليدوي للحروف كما فعل جوتنبرج منذ ما يزيد على أربعة قرون حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، كما تمكن أوتمار مرجنتيلر، وهو ألماني استوطن الولايات المتحدة، من تسجيل براءة اختراع مطبعة اللينوتيب. تميزت تلك الآلة بسبك سطر كامل من الحروف المصفوفة، في قطعة واحدة من المعدن، مما أضفى تحسنًا كبيرًا على عملية جمع حروف الطباعة، تمكن الأمريكي تولبيرت لانستون في عام 1887م من اختراع مطبعة المونوتيب التي تسبك وتُصف الحروف في قطع منفصلة.

تطورات تجهيز ألواح الطباعة. في عام 1826م قام عالم الطبيعة الفرنسي جوزيف نيسفور نيبس بعمل أول صورة فوتوغرافية في العالم. وأتاح هذا الإنجاز وما تبعه من تطور في التصوير الضوئي، تحقيق الكثير في مجالات الحفر الضوئي بوسائل التصوير الضوئي، كاستعمال المرشّحات الشبكية لتكسير الظلال إلى مساحات نقطية، والتصوير الليثوغرافي والأساليب الحديثة في طباعـة الأسطـح المستويـة الأوفْست.

وفي عام 1852م سجل الإنجليزي و. هـ. فوكس تولبوت، براءة اختراع الحفر الضوئي. كما قام الأمريكيان ماكس ولويس ليفي بتحسين المرشِّح الشبكي للظلال في الثمانينيات من القرن التاسع عشر. كما اخترع الفرنسي ألفونس لويس بواتيفن التصوير الليثوغرافي عام 1855م، وفي آخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر ظهرت مطابع الأوفست في أوروبا. واستُعملت هذه النماذج المبكرة من المطابع، لطباعة رقائق من معدن الصفيح اللازمة لصناعة العلب والصناديق.

وفي حوالي عام 1905م اكتشف صانع ورق وطبّاع أمريكي يُدعى آيرا روبل، بمحض الصدفة، الطباعة بطريقة الأوفست. ففي أثناء عمله، نقل عن غير قصد الأشكال المحبرة من سطح لوح الطباعة المستوية إلى الغطاء المطاطي لأسطوانة الضغط الطباعي بدلاً من نقلها على الورق. وعندما تحرك الورق تحت الأسطوانة طُبع الشكل العالق بالغشاء المطاطي على الورق. ولاحظ روبل الوضوح غير العادي للشكل المنقول على الورق. وأعقب ذلك تحسينات على طباعة الأوفست ومالبث هذا النمط الطباعي أن عم وانتشر.

ومنذ الثلاثينيات من القرن العشرين أجري من التحسينات على الطباعة ما لم يتم في كل السنين التي أعقبت جوتنبرج. ولحق بصناعة الطباعة الكثير من التغيير والتطوير كالجمع التصويري والصف بوساطة الحاسوب والمسح الإلكتروني للألوان.

الطباعة في العالم العربي والإسلامي. عرف العرب الطباعة بالقوالب الخشبية التي انتقلت إليهم عن طريق الصينيين، وذلك بعد ظهور الإسلام بثلاثة قرون تقريبًا. وكان العرب قد أقبلوا على نسخ الكتب بالخط العربي الذي تفننوا فيه حتى غدا تصميما جماليا لا غناء عنه. ولما ظهرت الطباعة في أوروبا لم يتحمس لها بعض العرب حرصًا على دوام الكتابة بالخطوط العربية التي ألفتها العين، ولخشيتهم أن تمحو الآلات هذا الخط، فضلاً عن رفض بعض المسلمين طباعة القرآن الكريم في الآلات الجديدة.

لم تكن هناك طباعة في العالم العربي غير الطباعة بالقوالب الخشبية التي ظهرت واستخدمت في الفترة من عام 288هـ إلى 751هـ، 900م إلى 1350م. وتحتفظ المكتبة الوطنية في فيينا وبعض المكتبات في أوروبا ببعض ما طبع بهذه الطريقة في مصر وانتقلت هذه القوالب الخشبية التي كانت الطباعة تتم بها في مصر إلى أوروبا، حيث دام العمل بها نحو أكثر من قرن حتى ظهرت مطبعة جوتنبرج.

ظهرت أول حروف طباعة عربية على يد مارتن روث عام 892هـ، 1486م الذي طبع ترجمة لكتاب برنارد برايدنباخ عن رحلته إلى الأماكن المقدسة، وكانت المحاولة الثانية في أسبانيا عام 911هـ، 1505م بصدور كتاب وسائل تعلم قراءة اللغة العربية ومعرفتها، وفي عــام 922هـ، 1516م نشر كتاب المزامير بخمس لغات هي العربية والكلدانية واللاتينية واليونانية والعبرانية في جنوه بإيطاليا. والمحاولة الثالثة كانت طبع الإنجيل عام 1000هـ، 1591م. وفي لبنان طبعت المزامير بالعربية عام 1019هـ، 1610م، وأول مطبعة أنشئت بها عام 1165هـ، 1751م ولم تستمر. وظهرت أول مطبعة في تركيا عام 1140هـ، 1727م شريطة ألا يُطبع عليها القرآن الكريم، وأول كتاب طُبع فيها هو ترجمة قاموس وانقولي عام 1141هـ، 1728م. وكانت حلب أول مدينة سورية تدخلها الطباعة، ثم انتقلت مطبعتها إلى دمشق.

وعرفت مصر المطابع مع قدوم الحملة الفرنسية عام 1213هـ، 1798م لكنها توقفت بعد رحيل الحملة عام 1216هـ، 1801م، وأسس محمد علي أول مطبعة، لازالت باقية حتى الآن، وهي مطبعة بولاق عام 1235هـ، 1819م وكان أول ماطبعته قاموس عربي إيطالي واستمرت تطبع كل المطبوعات بما فيها الوقائع المصرية. وعُرفت أول مطبعة حجرية بالعراق عام 1246هـ، 1830م ولم تستمر طويلا، ثم ترسخت الطباعة واستقرت بها عام 1856م. وعُرفت الطباعة بفلسطين عام 1246هـ، 1830م وفي اليمن عام 1294هـ، 1877م وفي الحجاز 1299هـ، 1882م، وفي السودان في بداية العقد الثامن من القرن التاسع عشر الميلادي وبالأردن عام 1341هـ، 1922م وبالكويت عام 1366هـ، 1947، وكانت معظمها من أجل طباعة الكتب والصحف.

واليوم تستخدم المطابع العربية أحدث أجهزة الطباعة في العالم في الجمع والطبع والإخراج والمونتاج والقص والتجليد والتطبيق وغيرها واستوعبت عددا كبيرًا من العمال الفنيين وأصبح لها دور بارز في تطوير الأعمال التجارية والسياحية والثقافية.

نبذة تاريخية

بالإمكان تقصي تاريخ الطباعة عبر آلاف السنين، منذ أن درج البشر على حفر الأشكال ثم ضغطها على الطين الليّن. ففي حوالي عام 105م قام كاي لن، وتكتب أيضًا تساي لن، باختراع الورق. ومن المحتمل أيضًا أن يكون الصينيون قد قاموا باختراع الطباعة بالقوالب. فقد كانوا يخرطون الحروف والتصاوير على قوالب خشبية، ثم يقومون بتحبير أجزائها البارزة، ثم ينقلون الحبر على الورق. أما الطباعة كما نعرفها اليوم، فلها تاريخ قصير. إذ بدأت الطباعة الحديثة منذ حوالي خمسة قرون ونصف القرن، بأولى المحاولات العملية لجوهانس جوتنبرج وأعوانه في ألمانيا بحروف متحركة.

اختراع الحروف المتحركة. في حوالي عام 1045م قام طبّاع صيني يدعى بي شنغ، بصنع أول حروف متحركة. فقد قام بتشكيل كل حرف من قطعة منفصلة من الصلصال. ولم يتطور استعمال هذا النوع من الحروف لأن اللغة الصينية بها الآلاف من حروف الهجاء. فكان لزامًا على الطباعين أن يصنعوا أعدادًا كبيرة من القطع، لذلك فضلوا الطباعة من القوالب الخشبية.

وبينما كان أهل الشرق يقومون بالطباعة من هذه القوالب، كان الناس في أوروبا ما زالوا ينسخون كتبهم يدويًا. وأفنى أفراد كثيرون حياتهم في دأب شاق، وهم ينسخون الكتب بالرِّيَش والأقلام التي يبرونها من سيقان النباتات. واكتشف الأوروبيون الطباعة بالقوالب الخشبية، وأقدم نسخة مطبوعة من قالب خشبي كانت صورة سانت كريستوفر، وطُبعت في عام 1423م. وفي حوالي ذلك الوقت بدأ الأوروبيون في إنتاج الكتب المطبوعة بطريقة القوالب، وهي مجلدات تضم رسومًا مطبوعة.

وفي تلك الأثناء بدأ عصر النهضة يجتاح أوروبا. وبازدياد الرغبة في المعرفة ازدادت الحاجة إلى الكتب. ولم يكن بمقدور النسخ اليدوي وطباعة القوالب الخشبية أن يفيا بالطلب المتزايد على الكتب. ثم جاء حل المشكلة عن طريق الحروف المتحركة.

بدأ جوهانس جوتنبرج ومعاونوه باستعمال حروف معدنية منفصلة للطباعة البارزة حوالي عام 1440م. وطوَّر جوتنبرج مطبعة من آلة كانت في الأصل معصرة للكروم أو الجبن. وأعد حروفه المعدنية داخل إطار ثم قام بتحبيرها، ووضع عليها لوحًا من الورق. بعد ذلك أدار عمودًا لولبيًا ضخمًا من الخشب دافعًا به لوحًا خشبيًا على الورق. واستطاعت مطبعة جوتنبرج إنتاج حوالي 300 نسخة يوميًا. وفي عام 1456م تم طبع نسخة جوتنبرج الشهيرة من الإنجيل، ورُتِّبت متونها في أعمدة كل منها يتكون من 42 سطرًا من الأحرف المصفوفة. انظر: جوتنبرج، جوهانس.

ارتاب كثير من الناس في أن الفن الطباعي الجديد كان من أعمال السحر الأسود الشيطانية. فلم يكن بمقدورهم أن يتصوروا إمكانية إصدار الكتب بتلك السرعة، وأن تتشابه نسخها بذلك القدر. ولكن بالرغم من خوفهم فقد انتشرت الطباعة بسرعة مذهلة. وبحلول عام 1500م كان بأوروبا مايربو على الألف مكان للطباعة.

طرق أخرى للطباعة

الطباعة بالغراء (الجيلاتين). وهي شبيهة بطباعة الأوفست الحجرية. يتم طلاء لوح معدني أو زجاجي بطبقة جيلاتينية حساسة للضوء. ثم يُعرض للإضاءة من خلال النسخة السالبة للرسم دون الاستعانة بمرشِّح شبكي. وعند مرور الضوء من أجزاء النسخة السالبة، يتم تصلب الغراء بدرجات متفاوتة. بعد ذلك يُغمر اللوح في محلول من ماء وجلسرين فتقوم الأجزاء الأقل تصلبًا بامتصاص المحلول بكميات أكبر، وكلما كانت أكثر تصلبًا قَلَّت قابليتها لامتصاص المحلول. وأثناء عملية الطباعة تصير الأجزاء الصلبة أكثر جفافًا وأكثر قدرة على التقاط الحبر، وطباعة مساحات داكنة. أما الأجزاء الأقل جفافًا وصلابة فتكون أقل قابلية للاحتفاظ بالحبر، ومن ثم تطبع الأجزاء الفاتحة. ويغلب استعمال هذه الطريقة في مجالات الطباعة الفاخرة لنسخ اللوحات الفنية. ويُطلق عليها أحيانًا اسم طباعة الجيلاتين الضوئية.

الطباعة باللدائن المطاطية. وُتعَرف كذلك بالفليكسوغرافيا، وهي نوع متخصص من الطباعة البارزة تعتمد على ألواح من المطاط. وتتميز أحبارها بسرعة الجفاف، وقد عُمِّم استعمالها في طباعة أنواع متعددة من المواد التي ليس لها قابلية لامتصاص حبر الطباعة، كالبلاستيك والقصدير. والألواح المطاطية، بطبيعتها الرخوة، أكثر توافقًا في الطباعة على الأسطح السميكة كالورق المقوّى. وتُستعمل طباعة الفليكسوغرافيا في صناعة التغليف لطباعة أكياس البلاستيك وصناديق الورق المقوى.

يمكن تجهيز ألواح الطباعة المطاطية بالاستعانة بإطارات الحروف المعدنية المصفوفة، أو الألواح البلاستيكية المحفورة المجهزة من أصول فوتوغرافية للجمع التصويري. يتم ضغط المصفوفات البارزة من الإطارات المعدنية أو ألواح الطباعة فوق سطح مجهز من ورق مقوى رخو أو بلاستيك، فتنغرس الأشكال البارزة في سطح الورق المقوى أو البلاستيك الرخو، مخلفة سطحًا سالبًا من الحروف والرسومات الغائرة. يُستعمل هذا السطح السالب أرضيَّة لتشكيل لوح الطباعة المطاطي. يتم ذلك بضغط قطعة من المطاط فوق القالب، وعن طريق التسخين الحراري تتشكل نسخة موجبة بارزة للوح الطباعي. تثبت الألواح المطاطية بعد ذلك فوق أسطوانات حاملة للألواح في نوع خاص من المطابع الدوارة. وتتميز هذه الألواح المطاطية بقدرتها الفائقة على التحمل وملاءمتها للطباعة ذات السرعة العالية، والفترات الممتدة للتشغيل.

الطباعة الإلكترونية. تشمل الطباعة التي تتم بوساطة طابعات الليزر وبعض آلات النسخ الأخرى. وتستخدم طابعات الليزر على نطاق واسع مع الحواسيب الشخصية. وتتحول الصورة من الحاسوب إلى أسطوانة فائقة الحساسية بالطابعة بوساطة رأس ليزري دقيق. ويولد الليزر شحنة كهربائية أينما سطع على سطح الأسطوانة. وتجذب كل بقعة مشحونة على الأسطوانة بوساطة جسيمات التونر الدقيقة (حبر مسحوق أو سائل). ويفقد التونر شحنته على الورقة عند ملامستها لسطح الأسطوانة. وتمر الورقة خلال بكرات الدمج التي تجعل جسيمات التونر تندمج بالورقة، ومن ثم تتكون الصورة الثابتة الدائمة.

وتستخدم آلات النسخ في طباعة نسخ متعددة من الوثائق. وتعتمد آلات النسخ الكهروستاتية على الضوء والشحنات الكهربائية في تكوين صور تماماً كما تفعل طابعات الليزر.


تحضير المادة الطباعية



عند تحضير المتن والرسوم التوضيحية للطباعة، هناك خطوات معروفة ومشتركة بين الوسائل الطباعية المختلفة، وتشمل: 1- تنضيد الحروف. 2- المراجعة والتصحيح (البروفات). 3- تجهيز الرسوم التوضيحية. 4- تبويب الصفحات.

تنضيد الحروف. هو صفّ الحروف المعدنية لتشكيل كلمات مطبوعة. ويعرف كذلك بالجمع كما يمكن أن يصنف إلى 1- التنضيد بالسبك الحراري 2- التصفيف (التجميع) الضوئي.

التنضيد بالسبك الحراري. يتم في عصرنا هذا بالآلات بعد أن كان يجهّز يدويًا إلى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. ويُسمّى العمال الذين كانوا يقومون بعملية الجمع المُصَفِّفين، وكانوا يلتقطون قطع الأحرف المعدنية من فراغات بحواجز في أدراج عديدة، كل منها عبارة عن صندوق أحرف. وتتم عملية التنضيد بتصفيف الأحرف يدويًا في شكل كلمات وسطور داخل المصف، وهو محفظة معدنية مستطيلة، وكلما امتلأت يتم تفريغها في صينية حروف. وهذه الطريقة مازالت تمارس لطباعة أنواع خاصة من التصميمات الفريدة ذات الأحجام الكبيرة التي يصعب سبكها بالطرق الآلية الحديثة.

يوجد نوعان رئيسيان من آلات الصف الآلي، وهما: السطرية، والحروفية (المونوتيب). وتقوم آلات التصفيف السطري بسبك كل سطر من الحروف قطعة واحدة متصلة. فعند الضغط على مفاتيح الآلة يتم إنزال الحرف في شكل قالب يأخذ مكانه في السطر. ويتم بذلك تجهيز السبيكة الحروفية. انظر: اللينوتيب.

في الطريقة الحروفية تقوم الآلة بتجهيز الحروف قطعًا منفصلة. فعند الضغط على المفاتيح تقوم شفرة خاصة بتثقيب شريط ورقي. وعند تمرير الشريط من خلال آلة السبك تترجم الثقوب لكل حرف تم إدخاله. وفي الحال تتشكل القوالب، ويتم صب الحروف المطلوبة كوحدات منفصلة. انظر: المونوتيب.

التصفيف الضوئي. يُسمى كذلك التنضيد الضوئي، أو الصف الفيلمي، ويشتمل على كل أساليب التنضيد بغير الاعتماد على الحروف المعدنية. وتعتمد هذه الطريقة على خصائص التصوير الضوئي، فتقوم بنقل صور الحروف على سطح الأفلام والأوراق الفوتوغرافية الحساسة. ويتم صف غالبية الحروف بهذه الطريقة بدلاً من طرائق السبك الحراري لأغلب عمليات الطباعة.

وأغلب آلات التنضيد الضوئي بها خازن نماذج رئيسي لإمداد الطراز الحروفي المطلوب أثناء عملية الصف. وهو شريط من شريحة فيلمية سالبة، مصور بها كل أشكال الحروف لطراز من الطرز. وعند إسقاط شعاع ضوئي على الحرف المطلوب من خلال عدسة، يتأثر السطح الفيلمي أو الورقي الفوتوغرافي. وبعد إتمام عملية التظهير (التحميض) تنطبع الصورة الموجبة لأشكال الحروف المصفوفة. وتقوم العدسات التي في الجهاز بالتحكم في أحجام الحروف بنسب مختلفة. أما في التنضيد بالسبك الحراري، فيجب علينا الحصول على قالب أو حرف قائم بذاته إذا أردنا الحصول على أحجام مختلفة لطرز متنوعة.

تنتج بعض آلات التنضيد الضوئي حروفًا بالضغط على أزرار مفاتيح الطابعة، وبعضها ينتج شرائط برموز شفرة خاصة شبيهة بنمط المونوتيب. يتم إدخال هذه الشرائط في جهاز للجمع متصل بحاسوب فتتم عملية الجمع. وبالإضافة إلى ذلك يقوم الحاسوب بعملية ملء السطر، وهي التحكم في الفراغات بين الكلمات بالتقصير والتمديد بإضافة الشرطات لتسوية نهايات السطور على الهوامش.

وهناك نوع آخر من آلات التنضيد لايعتمد على خازن نماذج رئيسي، لكنه يخزن معلومات عن تصاميم الأحرف في ذاكرة حاسوبية. وعند استدعاء طراز خاص من الحروف، يتم بثه على شاشة من أنابيب للأشعة الكاثودية، كشاشة التلفاز. ثم تسلط الصور على سطح فوتوغرافي حساس بتركيزه من خلال عدسة. وبعد التظهير الفوتوغرافي يتم الحصول على النسخ الموجبة. ويستطيع هذا النوع من آلات التصفيف الضوئي تجهيز صفحة كاملة من جريدة يومية في ثوان قليلة. انظر: التصفيف الضوئي.

يستعين بعض كتاب الصحف والمجلات في كتابة مقالاتهم بجهاز به طابعة وشاشة عرض شبيهة بشاشة التلفاز، تسمى شاشة العرض الطرفية. هذا الجهاز موصل بحاسوب لتخزين المادة حين كتابتها. وبعد ذلك يقوم المحررون باستقبال المادة المكتوبة، ومراجعتها وإدخال التعديلات اللازمة عليها. ثم تدخل المادة في صورتها النهائية ـ بعملية إلكترونية  إلى جهاز التصفيف الضوئي فيتم صف الحروف والتجهيز الطباعي. وفي ذلك توفير للوقت والمال، إذ لايتعين على أحد تكرار عملية الطباعة على آلة جمع الحروف. وتحتوي بعض أجهزة التنضيد الأخرى على وحدات فرز الطرز الحروفية. وتستطيع هذه الوحدات التعرف ـ بطريقة إلكترونية ـ على الحروف حين طباعتها، ومن ثم إدخالها جهاز الجمع.

المراجعة والتصحيح (البروفات). يقوم الطبّاع بطبع نسخة تصحيح، لغرض إصلاح الأخطاء. ويتم وضع المواد المصفوفة على سطح آلة صغيرة للطباعة، وتحبر. يوضع الورق، وتدحرج أسطوانة ضاغطة، ثم تُسْحَب الورقة المطبوعة. أما في حالة التصفيف الضوئي، فيتم طبع نسخة فوتوغرافية موجبة للتصحيح.

ويقوم المصحح بإجراء التصحيح في كل نسخ المراجعة، ثم يقوم بإرجاع الصفحات إلى مصففي الحروف لإصلاح الأخطاء.

التنضيد الإلكتروني يتم بوساطة الحواسيب الشخصية بنوعيها: حواسيب النشر المكتبي والحواسيب المحمولة. وقد صممت الحواسيب الشخصية للقيام بالأعمال العامة. وتتيح برامج هذه الحواسيب لمستخدميها القيام بأعمال معالجة الكلمات وتصميم الصفحات وخيارات الطباعة المتعددة. وتستطيع الحواسيب الشخصية، أيضاً، إنتاج صفحات تتضمن النصوص والصور إلكترونياً. وتمكن بعض البرامج الحاسوبية من تكبير الحروف وزيادة كثافتها وتغييرها بطرق عديدة. وتظهر على شاشة الحاسوب نماذج للخطوط يمكن تغييرها بدفعة على المفتاح أو نقرة على نبيطة تسمى الفأرة (الماوس).

وبعد تصميم الصفحة وتنضيد حروفها يتحول ملفها الإلكتروني للطابعة لإجراء البروفة (التجربة) الطباعية السريعة. وتوصل معظم الحواسيب الشخصية بطابعات ليزر تستخدم الليزر لتكوين الصور والنصوص على الورق. ويمكن تخزين الملف الإلكتروني على قرص حاسوبي، أو إرساله خلال الهاتف بوساطة جهاز يعرف باسم المودم إلى صفاف صور ضوئية (طابعة فائقة التقنية). ويسمى استخدام الحواسيب الشخصية لتنضيد وطباعة مواد مثل الأخبار والتقارير وغيرها النشر المكتبي. انظر: النشر المكتبي.

تجهيز الرسوم التوضيحية للطباعة. يستعمل الطباعون الوسائل الفوتوغرافية لتجهيز الرسوم التوضيحية للطباعة. وبناء على الخصائص الفنية لهذه الرسوم، تُعتمد إحدى الطريقتين التاليتين: 1- طريقة الاستنساخ الموحد الكثافة (الاستنساخ الخطي) 2- طريقة الاستنساخ المدرج الكثافة (الاستنساخ المظلل).

الاستنساخ الموحد الكثافة. يناسب الرسوم التي تعتمد على خطوط ومساحات مُصْمَته، دون تفاوت في درجات التظليل. ويشمل الرسوم ذات الخطوط البسيطة والخرائط والرسوم البيانية. تصوَّر الأشكال بآلات تصوير آلية خاصة، على أوراق تصوير بها ميزة الإظهار شديدة التباين، وتجهيز نسخ سالبة بالحجم المطلوب.

الاستنساخ المدرج الكثافة. يناسب الرسوم التي نُفِّذت بدرجات متفاوتة بين التظليل الداكن والتظليل الفاتح. وتسمى المواد التوضيحية المجهزة بهذه الطريقة المواد ذات التدرج المتصل، وتشمل اللوحات الفنية، والصور الفوتوغرافية، والرسوم المنفّذة بأقلام الفحم. وتستطيع المطبعة طباعة اللون بكثافة واحدة، وليس بدرجات متفاوتة. أما الإيهام بالتدرج الظلي المتصل فيحدث من تأثير طباعة مساحات من الرسوم في شكل نقاط متناهية الصغر. وتصوّر الرسوم التوضيحية من خلال مرشح أو شبكية تكسير للظلال. وتقوم الفتحات الدقيقة لهذه الشبكية المنتظمة عند إسقاطها بالإضاءة على سطح المادة التوضيحية بتقطيع المساحات الظلية المتصلة إلى وحدات نقطية وفراغات متناهية الصغر. وتتفاوت أحجام هذه النقاط والفراغات رغم صغرها، اعتمادًا على درجة الكثافة الظلية في النسخة الأصلية للرسم. وتبدو هذه المساحات المنقطة لعين المشاهد وكأنها نسخة طبق الأصل من النسخة الأصلية للرسم.

تبويب الصفحات. يشمل التبويب تجميع المواد المصفوفة والتوضيحية الخاصة بالعملية الطباعية، وترتيبها في صفحات.

في الطباعة البارزة التي تعتمد على أحرف مسبوكة، يجب تجهيز المواد التوضيحية في شكل قوالب حفر ضوئي (كليشيه). وتتم هذه العملية بوضع الفيلم السالب على لوح معدني معالج بمادة حساسة للضوء. وعند تسليط الضوء على اللوح المعدني من خلال النسخة السالبة يتم نقل الشكل. ويقوم فني الحفر بعد ذلك بعملية الحفر الكيميائي داخل حوض تظهير بأحماض كيميائية. وفي هذه العملية تتآكل المساحات التي تعرضت للضوء، وتبقى المساحات الأخرى بارزة. وبعد ذلك توضع الحروف المصفوفة مع هذه القوالب المحفورة جنبًا إلى جنب في طوق حديدي. وتُعرف هذه التركيبة بإطار الحروف، وهي المرحلة الأخيرة في التجهيز لبدء الطباعة. انظر: الحفر الضوئي والطباعة الضوئية.

تُنقل صور الحروف والرسوم التوضيحية إلى ألواح الطباعة المعدنية بالوسائل الفوتوغرافية في أغلب ماتبقى من أساليب الطباعة. ويتم تجميع المادة المصورة بطريقتين هما: 1- طريقة اللصق 2- طريقة التوليف.

اللصق. في هذه الطريقة، يتم تجميع نسخ موجبة للمواد على لوحة ذات تقسيم شبكي. والمواد قد تشتمل على نسخ موجبة من أصول بطباعة خطية موحدة، أو مدرجة الكثافة، وحروف مصفوفة بالجمع التصويري، أو نموذج مطبوع من حروف معدنية. ويتم تصوير هذه المجموعة المتنوعة في سالبة واحدة تعرف باسم نسخة التجميع.

التوليف. هي طريقة تجميع نسخ سالبة للحروف المصفوفة والرسوم التوضيحية. وفي هذه الطريقة تُلصق النسخ السالبة على مساحات مرتبة على قطعة ورق تُنزع منها مساحات محددة لتمرير الإضاءة على الأجزاء المطلوب تصويرها. تُعرف هذه العملية بتجهيز نسخة التوليف وتكون سابقة لتجهيز الألواح المعدني

الأحبار

يُعتقد أن المصريين القدماء هم أول من عرف الأحبار وصنعوها، فقد وجدت بعض المومياوات ملفوفة في أثواب من الكتان، وقد دَونّ عليها أسماء أصحابها بأحبار صنعت من أكسيد الحديد. كما صنع المصريون الحبر من غراء، وصمغ الخضراوات، المخلوط بالماء، واستخدموه في الكتابة على ورق البردي.

أما الصينيون، فصنعوا الأحبار من زيت الحبوب ولحاء الأشجار مع الصمغ العربي. وقد تميز هذا الحبر بمقاومته للماء، والظروف البيئية المختلفة، وطول مدة بقائه. كما ابتكر الصينيون أنواعاً عديدة من الأحبار، وتفوقوا في صناعتها منذ ألفي عام، واستمر هذا التفوق حتى الآن، حيث يصدر الحبر الصيني إلى جميع بلدان العالم، وهو معروف باسم "الحبر الشيني".

أما الرومان، فقد استخدموا الأحبار التي تفرزها بعض أنواع الحيوانات المائية، كما قاموا بصناعة الأحبار المختلفة من الزيت، ولحاء الأشجار، والسناج. وفي العصور الوسطى صنع الرهبان في أوروبا أحباراً من كبريتات الحديد مضافاً إليها مسحوق العلقم.

وقد عاب الأحبار القديمة شدة سيولتها، إذ كانت تصنع من مساحيق تذوب في الماء، فكانت لا تثبت على القوالب. وفي عام 1438، أضاف الألماني جوتنبرج زيت بذرة الكتان المُغْلَى إلى الأحبار ليزيد من لزوجتها. وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأ استخدام المنتجات البترولية والمواد الكيماوية بديلاً لزيت الكتان.
صناعة الأحبار:

يوجد نوعان من الألوان الحبرية؛ أولية، وثانوية. فالألوان الأولية هي: الأصفر، والأحمر، والأزرق. أما الألوان الثانوية، فتتكون بخلط لونين من الألوان الأساسية بنسب مختلفة، فعلى سبيل المثال، عند مزج اللونين: الأصفر، والأحمر، ينتج اللون البرتقالي، وعند مزج اللونين: الأصفر، والأزرق، ينتج اللون الأخضر.

وفي الوقت الحالي تصنع أحبار الطباعة من عديد من الأصباغ الملونة التي غالباً ما تكون مواد غير عضوية مختلفة الألوان لا تذوب في الماء. ويكون ذلك بطحن هذه الأصباغ، ثم خلطها بالزيوت.

وتختلف مكونات الأحبار باختلاف أنواع الطباعة، فالأحبار المستخدمة في طباعة الأوفست تكون أحباراً ذات لزوجة عالية، ومقاومة شديدة للأحماض تجف بالحرارة.

أما الأحبار المستخدمة في الطباعة الغائرة، فهي قليلة اللزوجة حتى تنساب داخل المناطق الغائرة للسطح الحامل للأحبار، ويراعى ألا تكون ذات حبيبات خشنة تمنع انسيابها داخل المناطق الغائرة.

والأحبار المستخدمة في مطبوعات التغليف تصنع بطريقة تحافظ على لمعانها، كما يجب أن تكون شديدة التحمل للتأثيرات الجوية والاحتكاك. أما الأحبار المستخدمة في الكتب والمجلات العلمية، فيحب أن يراعى فيها القدرة على فقد لمعانها مع جفافها.

أما أحبار المطبوعات المستخدمة في عبوات الدهانات والكيماويات، فيجب أن يراعى فيها عدم قابليتها للتفاعل مع تلك المواد.
المراجع


2. Davies, M., Aldus Manutius, 1995.
3. Gaynor, J., ed., Hard Copy and Printing Materials, Media, and Processes, 1990.
4. Graphic Communications Technology, 2nd ed., 1992.
5. Johnson, J. L., Principles of Non-Impact Printing, 2nd ed., 1992.
6. Karsnitz, J. R., Graphic Arts Technologies, 1984.
7. Rauch, J., ed., Rauch Guide to the U.S. Ink Industry, 1992.
8. Sanders, J., ed., Pigments for Inkmakers, 1990.
9. Sassoon, R., Computres and Typography, 1993.
10. Spring, M. B., Electronic Printing and Publishing, 1991.
11. Steinberg, S. H., 500 Years of Printing, 4th ed., 1994.

المصدر : موقع مقاتل من الصحراء 1. Craig, James, Production for thd Graphic Designer, 2nd ed., 1990.

تجهيز مواد الطباعة

وهي عملية تتم في أربعة مراحل: تنضيد الحروف، وتصحيح النماذج، وإعداد الأشكال والرسوم، وأخيراً تنسيق الصفحات وترتيبها.

وتنضيد الحروف هي أولى المراحل، وتتم إما باستخدام القطع المعدنية المسخنة (Hot-Metal Typesetting )؛ إذ يتم تنضيد حروف سطر كامل (الطريقة السطرية)، وإما بتنضيد كل حرف بشكل مستقل بذاته (الطريقة الحرفية).

وقد تُصفُّ الحروف بالطريقة الضوئية التي تعتمد على إمرار حزم ضوئية خلال شرائح مفرغة بأشكال الحروف، ثم استقبال تلك الحزم الضوئية على شرائح حساسة للضوء (الأفلام).

أما عملية تصحيح النماذج أو ما يعرف بالبروفات، فتتم فيها طباعة نُسخ تجريبية، وتصحيح ما بها من أخطاء، يتعين على المصحح أن يقوم بمراجعة جميع تلك النسخ التجريبية عدة مرات للتأكد من خلوها من الأخطاء، ثم تعاد للتصحيح.

يقوم قسم خاص بعد ذلك بتجهيز الرسوم والأشكال، ويوجد نوعان من الرسوم، يحتاج كل منهما إلى تجهيز خاص، فالرسوم والأشكال الخطية- مثل الرسوم اليدوية والخرائط والأشكال التوضيحية- يتم تصويرها بكاميرا خاصة، ثم طباعتها على فيلم له عامل مغايرة عالٍ (High Contrast Film )، حيث تنتج صور سلبية بالمقاس المطلوب. أما الصور الضوئية والملونة، فيتم تجهيزها باستخدام شاشة التلوين النصفي (Halftone Screen )، حيث يتم التعامل معها كآلاف من النقاط الدقيقة المصمتة.

تدخل عملية التجهيز بعد ذلك مرحلتها الأخيرة، وتتمثل في تنسيق الصفحات؛ حيث يتم تجميع الرسوم والأشكال مع القطع المكتوبة، وتنسيقها لتكوين صفحة أو وجه طباعي واحد، ويتم ذلك بإحدى طريقتين: إما بلصق الصور الموجبة لمختلف الأشكال والرسوم والقطع وجمعها وتنسيقها، ثم تصوير كل ذلك في صورة سلبية واحدة، وإما بعمل صورة سلبية لكل شكل أو رسم أو قطعة مكتوبة على حدة، ثم تقص، وتنسق، وتلصق في صفحة واحدة. وبعد ذلك تستخدم الصفحة التي تم تنسيقها لإنتاج قوالب الطباعة على حسب الطريقة المستخدمة. وهكذا تصبح المواد جاهزة لأن تدخل في عملية الطباعة وإنتاج مواد مقروء

أنواع الطباعة

هناك أنواع أساسية للطباعة وأخرى فرعية.
وتنقسم الأنواع الأساسية إلى ثلاثة أنواع: الطباعة البارزة (Relief Printing )، والغائرة (Rotagravure )، والمستوية (Lithography ).

أما طرق الطباعة الفرعية، فمنها ما يلي:

الطباعة المسامية ( Silk _ Screening ).

الطباعة الالكتروستاتيكية ( Electrostatic _ Printing ).

الطباعة النافرة ( Raised _ Printing ).

طباعة النفث الحبري ( Ink Expectoration _ Printing ).
الطباعة البارزة:


هي أقدم أنواع الطباعة، وتعتمد على تحبير الحروف أو الأشكال البارزة المصنوعة من المعدن، أو النايلون، أو السيريل، ثم ضغطها على سطح الورق. وقد استخدم الصينيون هذه الفكرة منذ آلاف السنين. وقد عُرفت تلك الطريقة بأحد أشكالها الحديثة منذ منتصف القرن الخامس عشر، واستمرت بوصفها عملية أساسية في الطباعة لمدة خمسة قرون متتالية. وقد استحدثت ألواح السيريل أو النيلون أو المبلمرات بديلاً للقوالب المعدنية أو الشبكات الحريرية في الطباعة المسامية المسطحة، وأُطلق عليها اسم الطباعة المرنة. ثم استحدثت رقائق اللدائن الحساسة للضوء، حيث يتم إبراز الأجزاء المراد طبعها على تلك الرقائق، ثم تعرض للضوء، الأمر الذي يجعلها تتصلب. ثم يتم إزالة الأجزاء غير المتصلبة باستخدام الماء والمحاليل الكاوية. ثم تدخل تلك الرقائق إلى غرفة الطباعة، حيث تتشرب الحبر، ثم تلامس الورق، فينتقل الحبر إلى سطح الورق (الشكل الرقم 1 الطباعة البارزة).

الطباعة الغائرة:


وهي على عكس الطباعة البارزة؛ فتتم باستخدام أسطوانة نحاسية محفور عليها الكلام، أو الصور، أو الأشكال المراد طباعتها بحفار ميكانيكي أو بأشعة الليزر. وتُملأ التجاويف الممثلة للكلام أو الأشكال بحبر الطباعة، ثم يضغط بهذه الأسطوانة على الورق فتطبع الحروف والأشكال. وتستخدم هذه الطريقة في طباعة الصور، والمجلات، والكتالوجات، ومطبوعات التعبئة، والتغليف، وطوابع

البريد، وورق الحائط. وقد يستخدم التصوير الضوئي في هذا النوع من الطباعة، حيث تُعَرَّض رقائق الجيلاتين الحساس للضوء للرسوم أو الأشكال المراد طباعتها من خلال شرائح تم تصويرها ضوئياً، فيتصلب الجيلاتين تبعاً لكمية الضوء المار ممثلاً الرسوم التي صُورِّت. ثم تستخدم تلك الرقائق بعد ذلك بمثابة قوالب في عملية الطباعة (الشكل الرقم 2 الطباعة الغائرة).

الطباعة المستوية:


تعتمد تلك الطريقة على نظرية الفصل الدهني للماء. وأول من اكتشف هذه الطريقة هو الألماني ألويز سنفلدر(Aloys Senfelder) عام 1796، وكان ذلك بطريق المصادفة البحتة، عندما كتب على حجر جيري بقلم رصاص، فسقط بعض من محلول حامضي على هذا الحجر، فلاحظ أن الحامض قد غطى سطح الحجر الجيري، ما عدا الأماكن التي كتب عليها بالقلم الرصاص، وحينما أضاف حبر الطباعة على سطح هذا الحجر، لاحظ سنفلدر أن الحبر قد استقر على الأجزاء المكتوبة، ولم يتجاوزها إلى الأجزاء الأخرى التي تخللها الحامض. وعندما ضغط هذا الحجر على ورقة، وجد أن ما كتبه على الحجر قد طُبع معكوساً على الورقة (الشكل الرقم 3 الطباعة المستوية).

وكانت تلك هي بداية اكتشاف طريقة الطباعة المستوية. وفي بداية القرن العشرين تم استبدال لوحات الزنك بالحجارة الجيرية المستوية، ثم تطورت بعد ذلك هذه الطريقة من طباعة مباشرة من اللوح المعدني إلى طباعة غير مباشرة باستخدام وسيط مطاطي، وهو ما يطلق عليه طباعة الأوفست، حيث سهلت هذه الطريقة الطبع على مختلف الوسائط التي لا يمكن الطباعة عليها مباشرة مثل اللدائن والمعادن.

الطباعة المسامية:



ويستخدم في هذه الطريقة شبكة حريرية مثبتة على إطار من الخشب أو المعدن. وتُطْلَى هذه الشبكة بطلاء خاص، وذلك لغلق مسامها، وبعد جفاف الطلاء تغطى بمادة حساسة للضوء، ثم يوضع الشكل المرسوم المراد طباعته على سطح شفاف منفذ للضوء، ثم تُعرَّض الشبكة الحريرية للضوء عبر السطح الشفاف، فينفذ الضوء من المناطق غير المرسومة، فتتصلب نظيراتها على الشبكة الحريرية. وباستخدام بعض المذيبات العضوية في إزالة المناطق التي لم تتصلب، تعود الشبكة إلى سابق حالتها. ويوضع اللون المراد طباعته على هيئة سائل غليظ القوام، ثم يوزع اللون بواسطة ضاغط مطاطي يساعد على نفاذ اللون من خلال الشبكة الحريرية؛ حيث يقوم بتلوين المناطق المطلوب طبعها على مختلف الأسطح. وقد تطورت هذه الطريقة حالياً، حيث تتم الطباعة بهذه الطريقة في وقت قياسي، وبدقة متناهية، وعن طريق التحكم الإلكتروني في كل الخطوات (الشكل الرقم 4 الطباعة المسامية).

الطباعة الإلكتروستاتيكية:

في هذه الطريقة، يُعالج ورق الطباعة بشحنة كهربائية في المناطق المراد الطباعة عليها، ويعالج كذلك مسحوق الحبر بشحنة مغايرة، ثم يُعرَّض كلٌّ منهما إلى جهد كهربائي معاكس لجهد الآخر؛ فيتم الاتحاد بين جزيئات الحبر وجزيئات الورق.
الطباعة النافرة:

وهي ليست نوعاً من أنواع الطباعة بقدر ما هي نوع للمادة المطبوعة، فالمادة المطبوعة تكون ذات سطح بارز، ويتم ذلك بعدة طرق؛ منها: استخدام مواد ملونة صمغية حرارية، أو استخدام الضغط الشديد على السطح المراد الطبع عليه باستخدام قوالب خاصة بهذا الغرض لإنتاج أشكال مجسمة.
طباعة النفث الحبري:

تعتمد هذه الطريقة على استخدام الحاسوب. وتتم عن طريق نفث الحبر من صمام دقيق لتظهر بالشكل المطلوب، وتستخدم هذه الطريقة لكتابة تاريخ الصلاحية على المنتجات الغذائية، والعبوات الدوائية، كما تستخدم لوضع العلامات الشفرية والأرقام في تسعير المنتجات المختلفة

أنواع آلات الطباعة

على الرغم من اختلاف آلات الطباعة من حيث أنواعها وأشكالها وأحجامها، إلا أنها في النهاية تنتمي إلى أحد الأنواع الثلاثة الآتية:

1. آلة الطباعة المسطحة (Flat Bed Press ).

2. آلة الطباعة الأسطوانية (Cylinder Press).

3. آلة الطباعة الدوارة (Rotary Press).
1 - آلة الطباعة المسطحة:

وتُعدّ أبسط أنواع آلات الطباعة؛ إذ تعتمد في عملها على التقاء سطحين مستويين، الأول: يمثل الشكل المراد طبعه محملاً بالأحبار (الفورمة)، والثاني: يمثل المادة المراد الطباعة عليها. وعند تقابل السطحين، وعن طريق الضغط بينهما، تتم عملية الطباعة.

وهناك أحجام مختلفة من آلة الطباعة المسطحة وفقاً لحالات استخدامها، إلا أن أغلبها يعد من الأحجام الصغيرة. التي تُستخدم في طباعة المطبوعات التجارية والمنشورات الصغيرة. ويستخدم السطح الحامل للأحبار (الفورمة) حروفاً مصنوعة من الرصاص، أو القصدير، أو الأنتيمون، أو قالباً (أكليشيه) من الزنك، أو النحاس، أو كليهما. كما تُستخدم في بعض الأحيان ألواح من المبلمرات، على أنها بدائل للقوالب (الأكليشيهات) المعدنية. وتدار آلات الطباعة المسطحة في معظم الأحيان بالكهرباء، إلا أن منها ما يدار باليد .
2 - آلة الطباعة الأسطوانية:

وهي أكبر من آلة الطباعة المسطحة، وتُستخدم في طباعة الكتب والمطبوعات متعددة الصفحات. وتتكون آلة الطباعة الأسطوانية من سطحين: الأول مستوٍ، وهو المحتوي على الشكل المراد طباعته (الفورمة)، والآخر أسطواني، وتلتف حوله المادة المراد الطباعة عليها، وغالباً تكون الورق.

وتتم عملية الطباعة بتحريك السطح الأسطواني المحتوي على الورق على السطح المستوي المحتوي على الشكل المراد طباعته.
3 - آلة الطباعة الدوارة:

أما آلة الطباعة الدوارة، فتتميز بحجمها الكبير، وسرعتها الفائقة، وتستخدم لجميع أنواع الطباعة، ويوجد منها نوعان:

النوع الأول: هو آلة الطباعة الدوارة المغذاة بالأفرخ، وفيها يكون ورق الطباعة منبسطاً على هيئة أفرخ، في حين يكون الشكل المراد طبعه أسطوانياًّ.

النوع الثاني: هو آلة الطباعة الدوارة ذات النسيج المحكم ، وفي هذا النوع يُستخدم الورق على هيئة بكرات، وفيها تتحرك أسطوانتان متقابلتان؛ إحداهما: حاملة للأحبار، والأخرى حاملة لبكرات الورق. وتُستخدم هذه الآلة في طباعة المجلات، والصحف، والكتب، ومطبوعات التغليف. ويمكن لهذا النوع أن يطبع على وجه واحد أو وجهين في وقت واحد وكذا بلون واحد أو بعدة ألوان.

مقدمة

الطباعة هي إحدى وسائل الاتصال في العصر الحديث، وتعتمد عليها معظم الأعمال في يومنا هذا. فإعلانات البضائع، وبطاقات الأسعار، والكتب المدرسية، والأوراق المالية، ما هي إلا مطبوعات.

وقد عرف الإنسان فكرة الطباعة منذ فجر التاريخ عن طريق ضغط الأشكال المراد التعبير عنها على الصلصال الطري. ويُعتقد أن الصينيين هم أول من عرف فن الطباعة بشكله الحديث؛ حيث استخدموا قوالب الخشب المحفور عليها أشكال مختلفة، فكانت تبلل بالأصباغ ثم تضغط على الورق. ويعد الصيني بي تشينج (Bi-Sheng ) أول من قام باختراع حرف مستقل لكل رمز من رموز اللغة عام 1045، إلا أن تلك الفكرة لم تلاق قبولاً لدى الصينيين نظراً إلى كثرة الرموز المستخدمة في اللغة الصينية.

ولم تعرف أوروبا الطباعة حتى وقت قريب، ففي الوقت الذي كانت فيه أمم المشرق تستخدم القوالب الخشبية، كان الأوربيون ما يزالون ينسخون الكتب والرسائل بأيديهم. وأول ما طبع الأوروبيون باستخدام طريقة القوالب هي صورة للقديس كريستوفر عام 1423م، وبعد ذلك انتشرت طباعة الكتب في أوروبا باستخدام تلك الطريقة.

وفي عام 1440، قام جوتنبرج (Johann Gutenberg ) بثورة في الطباعة، حينما استخدم الحروف الطباعية المتحركة في آلة طباعة خشبية واحدة.

وبدخول أوروبا عصر النهضة ازدادت الرغبة في التعلم، أتبعها ازدياد الحاجة إلى أسلوب جديد في الطباعة أكثر سهولة وفعالية، فتوالت الاختراعات في مجال الطباعة واحداً تلو الآخر. ففي عام 1800، تمكن نبيل إنجليزي من اختراع آلة طباعة كاملة من الحديد، وفي عام 1811، قام الألماني فريدريك كويننج (Friedrich Koening ) باختراع آلة طباعة أسطوانية تعمل بالبخار، الأمر الذي زاد من كفاءة الطباعة وسرعتها.

ولم تقف الاختراعات الأوروبية عند هذا الحد، ففي عام 1826، قام عالم الطبيعة الفرنسي جوزيف نيبس (Joseph Niepce ) باختراع أول آلة تصوير ضوئي في العالم، الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام العديد من الاختراعات الأخرى في مجال الطباعة، مثل طباعة القوالب (الأكليشيهات) (Photoengraving ) التي اخترعها فوكس تالبوت (Fox Talbot ) عام 1852، وطباعة الصفائح الضوئية (Photolithography ) التي اخترعها ألفونس بوافا (Alphonse Poitevin) عام 1855. وقد أدت هذه الاختراعات إلى ظهور طباعة الأوفست في أوروبا بنهاية القرن التاسع عشر.

أما أمريكا، فقد دخلت مضمار الطباعة متأخرة بعض الشيء. ففي عام 1846، اخترع الأمريكي ريتشارد هيو (Richard Hoe ) آلة الطباعة الدوارة التي تم فيها توصيل حروف الطباعة بأسطوانة دوارة، ثم استخدمت أسطوانة أخرى لتثبيت الطباعة. ووصلت سرعة تلك الآلة إلى 8000 صفحة في الساعة، ثم اخترع وليام بلوك (William Bullock ) عام 1863م آلة لطباعة الصحف ذات تغذية ذاتية من الورق الملفوف على بكرات، الأمر الذي زاد من كفاءتها وسرعتها. وفي عام 1871، طور ريتشارد مارش ( Richard Marsh) هذه الآلة لتنتج 18 ألف صفحة في الساعة.

في عام 1884، قام أوتمر مارجنثالار ( Ottmar Mergenthalar ) بصناعة قطعة معدنية تحتوى على قوالب معدنية تمثل كل الحروف المستعملة منضدة بجوار بعضها بعضاً، وقد أطلق عليها اسم "خط الحروف الطباعية" (Linotype ). وقد استخدمت هذه الآلة في طباعة جريدة النيويورك تريبيون عام 1886.

وبعد عدة سنوات استطاع تولبرت لانستون (Tolbert Lanston ) اختراع آلة لجمع الحروف المستقلة، تتألف من وحدتين رئيسيتين؛ هما: وحدة لوحة المفاتيح، ووحدة صب الحروف.

ثم قام الأمريكيان ماكس ولويس ليفي (Max & Louis Levy ) باختراع شاشة التلوين النصفي (Halftone Screen )، الأمر الذي مهد الطريق أمام ازدهار طباعة الصور في مختلف المواد.
ومع بداية القرن العشرين تمكن الأمريكي آيرا روبل (Ira Ruble) من استخدام طباعة الأوفست التي انتشرت على نطاق واسع.

ثم قفز فن الطباعة قفزات واسعة ليساير النهضة العلمية، والتقدم التقني في نهاية القرن العشرين. فمع اختراع أجهزة الحاسوب أصبح صف الحروف وتنسيقها يتم باستخدام تلك الأجهزة، ثم تعدى ذلك إلى استخدام أشعة الليزر في تنسيق الحروف، والتقاط الصور، وفصل الألوان، وتنسيق الصفحات